في زمن بن علي، كانت صحافتنا مسخرة بالكامل لتلميع صورة "صانع التغيير" وخدمة حزبه. وأثناء الحملات الانتخابية، التي لم تكن في الواقع محددة بآجال، كانت نسبة حضور بن علي وحزبه تفوق تسعين بالمائة من المساحة الجملية للإعلام التونسي المكتوب والمرئي والمسموع. في حين تفوق المساحة المخصصة لزوجته الحيز الذي يعطى لكل مرشحي "المعارضة" مجتمعين. وبغض النظر عن كل الخروقات التي جعلت هذه العملية صورية، إلا أن الإعلام كان العنصر الأبرز في عدم مصداقية تلك الانتخابات.
إن نفاذ كل الأحزاب السياسية والمرشحين إلى وسائل الإعلام ، بشكل متكافئ ، خاصة أثناء الحملات الانتخابية، يعتبر شرطا أساسيا لانتخابات ديمقراطية، فالإعلام الحر والتعددي، الذي يمكن الناخبين من الإطلاع على مختلف البرامج المطروحة، والمرشح من الوصول إلى الناخبين، على قدم المساواة مع بقية المرشحين، مسألة أساسية في أي انتخابات نزيهة وديمقراطية. وحين يتعلق الأمر بالإعلام العمومي الذي يمول من جيوب المواطنين التونسيين، تصبح العملية أكثر إحراجا. ذلك أن هذا النوع من الإعلام يصنف في خانة المرافق العامة، والمطالب بخدمة جميع المواطنين دون تمييز.
هناك ظاهرة جديدة وغريبة بدأت تغزو المشهد الإعلامي التونسي. وسائل الإعلام التي كانت مسخرة بالكامل للدعاية لنظام بن علي. أصبحت اليوم تفتح صفحاتها ومساحاتها الإشهارية لمن يدفع أكثر. تتسابق الأحزاب لملء صفحات الجرائد ، ومساحات السمعي البصري، لا لعرض برامجها السياسية والاقتصادية والثقافية، بل للدعاية التي لا تختلف كثيرا عن إشهار مواد التنظيف ومعجون الأسنان والمشروبات الغازية. يتبادر للأذهان أحيانا أننا بصدد الدعاية لشركة تأمين أو لمؤسسة تعليمية ولا لحزب سياسي حينما نستمع إلى أن هذا الحزب أو ذاك " ضمانة لمستقبل أولادك" أو "من أجل مستقبل آمن"....
الإشهار السياسي يعيد إلى الأذهان وضع اليد على قطاع الإعلام وضرب استقلاليته، وتحويله إلى بوق دعاية. قبل 14 جانفي كانت وسائل الإعلام مسخرة بالقوة لخدمة بن علي وحزبه، وتكريس الانحياز لطرف دون آخر، من خلال الضغوطات و شراء الضمائر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما الآن فإعلامنا أكثر استقلالية مما كان عليه زمن بن علي، هذا أكيد. أما في أي وجهة يسير الإعلام التونسي فهذا ما لا يمكن التكهن به. المال السياسي يهدد بإعادة الصحافة التونسية، المريضة من آثار الماضي وقلة الحرفية، إلى المربع الأول، مربع صحافة حرة" في خدمة من يدفع أكثر"
لقد كان أجدر بالأحزاب السياسية التي عانت من التهميش والإقصاء باستعمال إعلام موجه وغير محايد في الماضي، أن تكون أكثر حرصا على استقلالية وسائل الإعلام وعدم إقحام السلطة الرابعة في معارك انتخابية آنية وزائلة، لا سيما في هذه المرحلة بالذات. ذلك أن الإعلام الحر والمستقل والنزيه هو ضمانة أساسية لا غنى عنها لعملية الانتقال الديمقراطي. أما الإعلام الموجه الذي يرزح تحت نير سلطة، مال أو سياسة أو دين، لا يمكن أن يقود إلا إلى وصاية وتقييد للحريات وتكريس للاستبداد.
وما يزيد طين الأحزاب بلة هو تواطؤ المؤسسات الإعلامية أو سعيها إلى تعويض ما خسرته من مال وكالة الاتصال الخارجي وما أغدقته حسب الولاءات، بمقابل الإشهار السياسي, وهي المؤسسات ذاتها التي كثيرا ما بررت انحيازها للاستبداد وتواطئها مع القهر، بتعرضها للضغوطات... فهل ننتظر من أصحاب المؤسسات أن تقف اليوم صراحة في وجه التوظيف ويرفضوا ولو لمرة أن يكونوا مجرد أداة لخدمة أي كان... عدا الحقيقة ؟
في زمن بن علي، كانت صحافتنا مسخرة بالكامل لتلميع صورة "صانع التغيير" وخدمة حزبه. وأثناء الحملات الانتخابية، التي لم تكن في الواقع محددة بآجال، كانت نسبة حضور بن علي وحزبه تفوق تسعين بالمائة من المساحة الجملية للإعلام التونسي المكتوب والمرئي والمسموع. في حين تفوق المساحة المخصصة لزوجته الحيز الذي يعطى لكل مرشحي "المعارضة" مجتمعين. وبغض النظر عن كل الخروقات التي جعلت هذه العملية صورية، إلا أن الإعلام كان العنصر الأبرز في عدم مصداقية تلك الانتخابات.
إن نفاذ كل الأحزاب السياسية والمرشحين إلى وسائل الإعلام ، بشكل متكافئ ، خاصة أثناء الحملات الانتخابية، يعتبر شرطا أساسيا لانتخابات ديمقراطية، فالإعلام الحر والتعددي، الذي يمكن الناخبين من الإطلاع على مختلف البرامج المطروحة، والمرشح من الوصول إلى الناخبين، على قدم المساواة مع بقية المرشحين، مسألة أساسية في أي انتخابات نزيهة وديمقراطية. وحين يتعلق الأمر بالإعلام العمومي الذي يمول من جيوب المواطنين التونسيين، تصبح العملية أكثر إحراجا. ذلك أن هذا النوع من الإعلام يصنف في خانة المرافق العامة، والمطالب بخدمة جميع المواطنين دون تمييز.
هناك ظاهرة جديدة وغريبة بدأت تغزو المشهد الإعلامي التونسي. وسائل الإعلام التي كانت مسخرة بالكامل للدعاية لنظام بن علي. أصبحت اليوم تفتح صفحاتها ومساحاتها الإشهارية لمن يدفع أكثر. تتسابق الأحزاب لملء صفحات الجرائد ، ومساحات السمعي البصري، لا لعرض برامجها السياسية والاقتصادية والثقافية، بل للدعاية التي لا تختلف كثيرا عن إشهار مواد التنظيف ومعجون الأسنان والمشروبات الغازية. يتبادر للأذهان أحيانا أننا بصدد الدعاية لشركة تأمين أو لمؤسسة تعليمية ولا لحزب سياسي حينما نستمع إلى أن هذا الحزب أو ذاك " ضمانة لمستقبل أولادك" أو "من أجل مستقبل آمن"....
الإشهار السياسي يعيد إلى الأذهان وضع اليد على قطاع الإعلام وضرب استقلاليته، وتحويله إلى بوق دعاية. قبل 14 جانفي كانت وسائل الإعلام مسخرة بالقوة لخدمة بن علي وحزبه، وتكريس الانحياز لطرف دون آخر، من خلال الضغوطات و شراء الضمائر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما الآن فإعلامنا أكثر استقلالية مما كان عليه زمن بن علي، هذا أكيد. أما في أي وجهة يسير الإعلام التونسي فهذا ما لا يمكن التكهن به. المال السياسي يهدد بإعادة الصحافة التونسية، المريضة من آثار الماضي وقلة الحرفية، إلى المربع الأول، مربع صحافة حرة" في خدمة من يدفع أكثر"
لقد كان أجدر بالأحزاب السياسية التي عانت من التهميش والإقصاء باستعمال إعلام موجه وغير محايد في الماضي، أن تكون أكثر حرصا على استقلالية وسائل الإعلام وعدم إقحام السلطة الرابعة في معارك انتخابية آنية وزائلة، لا سيما في هذه المرحلة بالذات. ذلك أن الإعلام الحر والمستقل والنزيه هو ضمانة أساسية لا غنى عنها لعملية الانتقال الديمقراطي. أما الإعلام الموجه الذي يرزح تحت نير سلطة، مال أو سياسة أو دين، لا يمكن أن يقود إلا إلى وصاية وتقييد للحريات وتكريس للاستبداد.
وما يزيد طين الأحزاب بلة هو تواطؤ المؤسسات الإعلامية أو سعيها إلى تعويض ما خسرته من مال وكالة الاتصال الخارجي وما أغدقته حسب الولاءات، بمقابل الإشهار السياسي, وهي المؤسسات ذاتها التي كثيرا ما بررت انحيازها للاستبداد وتواطئها مع القهر، بتعرضها للضغوطات... فهل ننتظر من أصحاب المؤسسات أن تقف اليوم صراحة في وجه التوظيف ويرفضوا ولو لمرة أن يكونوا مجرد أداة لخدمة أي كان... عدا الحقيقة ؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire